بقلم النائب : راوية رشاد الشوا عيد الأضحى ....بلا أضاحي...!!!
مرت اللحظات عشية عيد الأضحى المبارك تحمل مشاهد المتناقضات على الشعب في قطاع غزة، فبينما كان الوفد الفلسطيني برئاسة الرئيس محمود عباس \"أبو مازن\" ورئيس وزرائه د.سلام فياض يتلقون الوعود التي انهالت\" بالمبالغ الفلكية\" المقدمة من الدول المانحة لدولة فلسطين العتيدة...... كان المشهد في قطاع غزة يتابع نقل مشاهد الدماء وأشلاء الشهداء تتطاير لتصل أيضاً لرقم يتخطى حالة الذهول ليصل إلى اكثر من \"تسعة\" شهداء وسط ازدحام عشية عيد يُقبل الناس فيه على التسوق من متاجر فارغة، يُقبل فيها على التنزه، والطائرات الإسرائيلية تكسب السماء شُحوباً .تلك المشاهد لا شك ضاعفت كوابيس تداهم ليل الطفولة البريئة، وأيام الكهولة...المنتظرة...ولحظات المرضى المنتظرين قطرة دواء أو إذن خروج للعلاج لا يأتي، فيقضي المريض منتظراً تصريح الخروج دون فائدة، فكل أعذار القائمين على إصدار تصاريح الخروج أو العودة إلى الوطن أصبحت واضحة حتى \"للأغبياء\"...؟؟ الهدف أن يزهقوا روح العيد....؟؟؟ ويقتلوا البسمة عن شفاه الأطفال في هذه المناسبة التي يحتفل به أكثر من 30000 مليون نسمة أو أكثر.أما أعياد الميلاد المجيدة في أقدم مدن التاريخ \"غزة\" فلا عيد يدق الأبواب...!! غابت الأشجار التي كانت تحيي الأعياد اقتلعت بآلات الغرب ....!! وزينة العيد صودرت ومنعت عن المعابر الموصدة »بالضبة والمفتاح«، والعاب الأطفال لم تعد من سلع العيد فقد يكتفي الطفل الغزي بحجر أو حديده، يتزامن احتفال المسلمين.... والمسيحيين في أعيادهم الرئيسية في وقت غابت حلويات العيد وخلت المحال التجارية من (حبة ملبس) باللوز...أو حبة الحلقوم الشامي...، ولوازم الأعياد.عيد الأضحى... بلا أضاحي فقد شحت الماشية....!!! يتقاسم الناس الأضاحي أو يستغفرون الله ويقومون بأداء واجباتهم الدينية حسبما تسمح الظروف...!!.عيد بلا مطر....!! فقد شحت السماء وجفت سحبها وانطلق خريف بارد مثل برودة المنازل التي تودع شهدائها...!!لا أريد أن اكرر مقولة ماري انطوانيت حين ثار الشعب الفرنسي إيبان الثورة الفرنسية التي أطاحت بنظام الحكم وبها، حين اخبروها أن الشعب يتضور جوعاً ولا يملك الخبز ليقيت به نفسه وأطفاله، فما كان منها إلا أن أجابت إجابتها الشهيرة..... إذن فليأكلوا البسكويت....!!ترْقب المارة من العائلات - اكتظاظ غير منطقي متحدين القصف يتحدثون، ويتجولون - الملاحظ: نُدرة من كان يحمل أكياس مشتريات...!!!هذا يعود لـ سببين...أولهما قلة ذات اليد- شح في الموارد، ثانياً عدم وجود ما يحتاجونه من سلع، هذا بالإضافة الى ان كل الأجواء لا تبعث بالمرء للاحتفال في هذا الوضع السياسي المأزوم.تذكرني الأحوال في غزة ببلدان المعسكر الشيوعي في الثمانينات \"بوخرست\" زمن \"شاوشيسكو\" ان حال الأسواق في غزة شيء من ذاك القبيل فما نجده اليوم على أرفف البقالات هي بقايا من بقاياه...!! المواد الأساسية هي موجودة بفضل الكمية المسموح بها من قبل الجيش الاسرائيلي هذا الذي انسحب من غزة أولاً، وأما الكمية الباقية هي من مخلفات وكالة غوث اللاجئين التي بدونها لتضاعف عدد المرضى والحالات الآيلة للسقوط والانهيار.لم يكن يوماً في قطاع غزة طفلاً جائعاً بالمعنى(الحرفي) لكنني من هنا لكل مسئول في قطاع غزة وفي رام الله أقول ونحن نشعر بالغضب لقد جاع أطفال غزة....!!! وهم بحاجة اليوم لوجبة غذاء هذا إن قدر الله لهم والدول المانحة..؟؟.من المسئول عن الموت البطيء الذي يمارس على شعب بأكمله؟ إن الذي سيحكم في نهاية الامر هو التاريخ وليس طرفاً من الأطراف المتصارعة ففي حالة احتدام الصراع السياسي والتحدي الفصائلي، فان القلب لا يشعر.... والعين تفقد بصرها.....والعقل يرفض أي فعل منطقي، إنها هي الحالة التي نعيشها من القسوة الجارفة التي تسكن العقل والقلب والنفس، وتنسيينا إننا شعب مورس عليه اشد أنواع العقاب الجماعي لذنوبٍ لم يقترفها.عيد بلا شوكولاته ولا حلوى للأطفال....عيد بلا ملابس حتى من صنع الصين...!!....عيد بلا أحذية جديدة التي كانت تتوج رزمة ملابس العيد..... بلا العاب وهدايا ولا نزهاتٍ....فالرسالة وصلت وعيون الطائرات في السماء ترصد لتحصد المزيد من الأرواح.عيدٌ ينتظر مواطنيه على المعابر منذ أشهر طوال دون التفات المسؤولين إلى حق الإنسان القانوني بالرجوع إلى وطنه وما يزال ينتظر في حرقة الشمس وبرد الشتاء.فالبرغم من حجم الضغوط التي تمارس على قطاع غزة والشعب الفلسطيني أينما كان لابد من التمسك بالبوصلة الوطنية التي آمنا بها جميعاً لان قضيتنا قضية سياسية عادلة.فإلى كل فلسطيني في الشتات اعرف خيبات أملكم واعرف استعدادكم لدعمنا، ولقد جاءت لحظة الحقيقة أن تقفوا معنا بتجرد ونعود إلى الأسس التي يمكن أن تجمعنا مرة ثانية أسس محفورة في قلوبنا وعلينا أن نعلنها ونعبر عنها ونقف من اجل تحقيقها، والعيد سوف يمر بكل آلامه وأحزانه لكن طالما هناك نفوس صادقة تملك الكلمة الحرة لن نخاف من هذا الحصار والاجتياح والقتل معاً....!!
http://www.alquds.com/inside.php?opt=2&id=49677